Barber-surgeons: An origin Story

الحلاق الجراح: تاريخه وقصته

في أيامنا المعاصرة يعمل الحلاقون على قص وتهذيب شعر الوجه والرأس فقط، وصالونات الحلاق مكان مثالي لمناقشة المواضيع التي تشغل بالك بجانب الحصول على قصة شعر جديدة. لكن لم يكن هذا هو الوضع طوال الوقت، بل إن الحلاقين لعبوا عبر التاريخ أدوراً عديدة، من بينها الجراحة وطب الأسنان ورسم الوشوم والتحنيط وصناعة الشعر المستعار! نعم، الحلاق كان متعدد الوظائف لفترة طويلة.

قدماء المصريين واليونانيين والرومانيين كلهم أمثلة على حضارات كان يوجد فيها الحلاق الجراح، لكن أول وجود موثق للحلاقين متعددي المهام يرجع إلى العام 1000 بعد الميلاد. عندها كان الحلاقون يعملون في الأديرة في المعتاد ويحلقون رؤوس الرهبان وشعر وجوههم، كما أن العمليات والإجراءات الجراحية كانت تتم على أيدي أطباء الرهبان وكانت تعتبر قذرة ووضيعة، لهذا مرر أطباء الرهبان هذه المسؤوليات إلى إخوانهم من الحلاقين.


العصر الذهبي للحلاقين الجراحين كان بلا شك هو العصور الوسطى وعصر النهضة قبل الثورة الصناعية وتحرك أوروبا نحو الاعتماد على الأنظمة والتخصصات؛ ففي هذه الأوقات كان الحلاق الجراح شبه ممارس طبي لا يكتفي بقص الشعر، بل يجري جراحات كذلك (حتى في أراضي المعارك) ويخلع الأسنان ويعطي الحقن الشرجية. لم يكن للحلاق الجراح خلفية تعليمية على الأرجح، بل كان يعتمد على التعليم العملي بالتدريب المهني على يد حلاق جراح أقدم منه. 

أكثر ما كان يشتهر الحلاق الجراح بفعله هو فصد الدم العلاجي، وهذه كانت عملية تتطلب أدواتٍ حادة مثل المقص وموس الحلاقة، وكان من يجريها يفكر في أنه يستبدل الدم القديم "السيء" بدم آخر جديد وجيد وصحي. أما بالنسبة إلى عمود الحلاقين الأحمر وأبيض الشهير الذي يوجد خارج صالونات الحلاقة في الكثير من البلاد حول العالم فإنه يرمز إلى لون الدم والمناديل التي كانت تُستخدَم أثناء فصد الدم العلاجي. 

لم يكن دراسة الجراحة في الجامعات متوفر في الماضي حيث إنها كانت تعتبر من العمل اليدوي الذي لا يتطلب دراسة، لكن تغير هذا التفكير مع بزوغ فجر الجامعات غير الدينية مما أدى إلى زيادة دراسة الطب وتشريح جسم الإنسان. ومن هذا الوقت بدأ الجراحون الدارسون لهذا العلم في ارتداء الرداء الطويل المميز لهم (البالطو) بينما كان الحلاق الجراح يرتدي رداءً قصيراً وكان يعرف باسم "الرداء القصير للجراحين". 

تمتع بعض الحلاقين الجراحين بالثورة والشهرة والسمعة الحسنة التي كانت تجعلهم يتلقون دعوات إلى خدمة النبلاء والأغنياء. غالباً ما كان ينتهي الأمر بهؤلاء الحلاقين الجراحين إلى فتح محلات وصالونات متخصصة في مدن راقية مثل باريس ولندن وميلان وغيرها. 

وفي عام 1745 أسس الملك جورج الثاني كلية الجراحين الملكية بإنجلترا التي بدأت نهاية عصر الحلاقين الجراحين، لكنهم حافظوا على مكانتهم نسبيا في ميلبورن (عاصمة ولاية فيكتوريا الأسترالية وثاني أكبر مدن أستراليا) حتى خمسينيات القرن الماضي وكانوا لا يمانعون من خلع الأسنان بجانب حلاقة الشعر في الوقت نفسه! بعد هذا بدأ الجراحون في الذهاب إلى الجامعة بينما اكتفى الحلاقون بالعناية بالشعر والأظافر. آخر حلاق جراح ممارس توفي عام 1821 في إنجلترا لينتهي بهذا عصر التميز لهم. 

Back to blog

اترك تعليقا

Please note, comments need to be approved before they are published.