"للماضي عبقه الذي لا يضاهيه الحاضر".
تنطبق هذه العبارة بشكل كبير على العلماء المذكورين في هذا المقال المبدعين في عصر ما قبل النهضة، والذين كان ليشعر ليوناردو دافينشي وبنجامين فرانكلين وأرسطو بالفخر بضآلة حجمهم عند المقارنة بأي عالم من العلماء التالي ذكرهم، والذين أبدعوا في العصر الذهبي للإسلام.
هؤلاء الرجال – المبدعين من الصغر – لم يكونوا خبراء في فرع واحد من العلوم أو الفلسفة أو القضاء، بل كان كل عالم منهم بارعًا في عدة مجالات! ولقد كان من الشائع حينها أن تكون بارعًا في الرياضيات والطب وفي الوقت نفسه تكون على دراية بالفيزياء أو الكيمياء كذلك. ربما يكون الأمر مجرد مصادفة، لكن كل عالم من العلماء المذكورين هنا كان لديه لحية طويلة وكبيرة وكاملة تقريبًا :)
الاسم الكامل: علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، وكان معروفًا بأنه "الفيلسوف الأكثر تأثيرًا في عصر النهضة".
أشهر مؤلفاته هي موسوعة "كتاب الشفاء" وموسوعة "القانون في الطب" التي ألفها عام 1025، وكانت أساس العديد من النصوص الطبية في العديد من جامعات القرون الوسطى، وظلت مستخدمة حتى أواخر 1650.
الاسم الكامل: أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد، ولقبة الأشهر كان "الشارح".
ولد في قرطبة بالأندلس (إسبانيا اليوم) عام 1162، وكان فيلسوفًا ومفكرًا، وألف كتبًا في مجالات عديدة تشمل الفلسفة وعلم اللاهوت والطب والفلك والفيزياء والفقه واللغويات.
ولد في عائلة من القضاة، وعمل هو أيضًا قاضيًا لفترة وطبيب قاضي في الدولة الموحدية. كتاباته العميقة في فلسفات أرسطو وتعاليمه اكتسبت شهرة كبيرة حتى أنها تحولت إلى فلسفة متفرعة خاصة به اسمها الرشدية.
الاسم الكامل: أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم؛ معروف بلقب "أبو طب البصريات الحديث" وكذلك "بطليموس الثاني" وأخيرًا "الفيزيائي"
ولد ابن الهيثم في مدينة البصرة بالعراق عام 965، وبرع في علوم الرياضيات والفلك والفيزياء.
أشهر مؤلفاته هو كتاب المناظر في تخصصه الأول الذي كان الفروع المتعلقة بمبادئ البصريات والقدرة على الرؤية. كان ابن الهيثم أول من شرح كيف أن العين ترى عن طريق انعكاس الضوء عن الجسم ثم إلى العين، وكان كذلك أول من يلاحظ أن الرؤية تحدث في العقل وليس في العينين نفسها. يضاف إلى هذا أنه كان من أوائل المقترحين للمنهج العلمي بخمسة قرون قبل علماء عصر النهضة!
الاسم الكامل: أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم القَرشي الدمشقي؛ مكتشف الدورة الدموية الصغرى.
ولد في قرطبة بالأندلس عام 1162 لكن أصله من دمشق، وكان بارعًا في الفيزياء والتشريح، واشتهر بأنه أول من وصف الدورة الدموية الصغرى للدم. وبعيدًا عن إسهاماته الطبية، ابن النفيس درس علم اللاهوت والأدب والفقه، وكان متخصصًا في المدرسة الشافعية.
لابن النفيس اسهامات عديدة مهمة واكتشافات ملهمة في الفيزيولوجي والتشريح حيث أجرى العديد من التحليلات البشرية أثناء دراسته. الدورة الدموية الصغرى هي أهم اكتشافاته تقريبًا، وبالإضافة إليها قد قدم تحليلًا مبكرًا لدورة الدم في الشريان التاجي والشعيرات الدموية. عدد مؤلفات ابن النفيس في الطب تقدر بما يزيد عن 110 مجلدًا!
الاسم الكامل: محمد وأحمد والحسن بن محمد بن موسى بن شاكر أبو جعفر.
ولدوا في بيت الحكمة ببغداد في العرق في القرن التاسع، وكان العلماء الثلاثة هؤلاء اشقاء معروفين بكتابهم "كتاب الحيل" للأجهزة الميكانيكية الذي وصف ابتكارات وحيل وبدائع تعتمد على الأتمتة وبراعة الهندسة.
من مؤلفاتهم أيضًا "حول قياس الاشكال المسطحة والمستديرة" الذي أصبح أساس عمل الهندسة الرياضية، والذي اقتبس منه العديد من الرياضيين حول العالم. الدراسة في بيت الحكمة - أول دار علمية أقيمت في عمر الحضارة الإسلامية - على يد يحيى ابن أبي منصور علمتهم ترجمة الأعمال المكتوبة باليونانية القديمة إلى العربية؛ بدأوا بدفع مبالغ كبيرة مقابل الترجمة لكن بعد فترة قصيرة تعلموا ترجمة اليونانية بأنفسهم. دعم الإخوة عدد من العلماء والمترجمين وكانوا يدفعون تقريبًا 500 دينار في الشهر كراتب، ولقد كادت العديد من النصوص اليونانية أن تضيع وتصبح طي النسيان لولا الجهود التي بذلها بنو موسى.