تاريخ اللحية (الدِقِنْ) في بلاد الرافدين: كما هو متعارف عليه أن بلاد الرافدين تعد مهد الحضارة و مصدر الكثير من الانجازات عبر الزمن مثل قوانين حمورابي البابلية, ومخططات ري بتقنيات متقدمة, والأهم من ذلك منبع لمجموعة من أصحاب اللحى (الدُقُونْ) المشهورين على مر التاريخ.
من السهل أن نلاحظ اهتمام مجتمعهم في العناية بالمظهر العام و شعر الوجه بشكل خاص من خلال القطع و المجسمات الفنية التي خلفوها للأجيال من بعدهم. حيث يغلب طابع اللحية الطويلة المهذبة على معظم أعمالهم الفنية و تظهر بشكل منمق وبعناية دقيقة. بالإضافة الى ذلك، يوجد ثلاث مظاهر أساسية للحية وتدل على مكانة الرجل في المجتمع؛ كلما طالت اللحية و تزينت كلما زادت مكانة الرجل الاجتماعية. لهذا السبب تعد اللحية رمز للسلطة والهيبة حتى أنهم كانوا يجسدون آلهتهم بلحية طويلة و كثيفة. و الغريب في الأمر أن بعض النساء ذوي السلطة استخدموا اللحية المزيفة لإظهار قوتهم.
عرف عن شعوب بلاد الرافدين عن استخدامهم لبكرة الشعر بهدف لَف اللحية و تزيينها. كثرة الاستخدام تسبب بأضرار على صحة الشعر مما دفعهم لريادة مجال زيت الشعر و اللحية باستخدامهم لزيت السمسم. اشتهر الزيت بخاصية ترطيب بشرة الوجه و تغذية الشعر التالف و المناطق الحيوية لنمو اللحية بالاضافة الى التخلص من القمل. لم تقتصر شعوب بلاد الرافدين على العناية باللحية و اطلاقها فحسب، بل كانوا يستخدمون الحِنّة و الذهب و شرايط الزينة في تجديل لحيتهم.
انهيار سلطة بلاد الرافدين جاء على أعقاب ظهور امبراطورية الفراعنة العظمى التي على عكس أسلافها لم يكن اطلاق شعر الوجه او اللحية مطرح اهتمامهم وانما اقتصرت اللحية المصطنعة على ملوكهم فقط. بينما اعتمد عامة الشعب مظهر حلاقة جميع شعر الوجه و يعتقد أن مظهر انعدام اللحية يرجع الى تواجد و احتلال الاغريق على المنطقة (مصر). على اي حال، يبدو أن شعوب بلاد الرافدين يستحقون مكانتهم و شهرتهم العريقة في عالم العناية باللحية. لقد كانوا الرائدين الأوائل في الاستفادة من الزيوت الطبيعية من حولهم لأغراض العناية بشعر الوجه و اللحية بالإضافة إلى شغفهم في تزيين اللحية. حيث أنهم تركوا خلفهم ثقافة جعلت من اللحية و شعر الوجه هدف و قيمة لدى المجتمع.